وقال أبو حيان :
﴿ إنَ الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلّة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين ﴾.
الظاهر أنه من كلام الله تعالى إخباراً عما ينال عباد العجل ومخاطبةً لموسى بما ينالهم.
وقيل : هو من بقية كلام موسى إلى قوله ﴿ وقال إنما اتخذتم ﴾ وأصدقه الله تعالى بقوله :﴿ وكذلك نجزي المفترين ﴾ والأول الظاهر لقوله ﴿ وكذلك نجزي المفترين ﴾ في نسق واحد مع الكلام قبله والمعنى اتخذوه إلهاً لقوله ﴿ فأخرج لهم عجلاً جسداً له خوار فقالوا : هذا إلهكم وإله موسى ﴾، قيل : والغضب في الأخرة والذلّة في الدنيا وهم فرقة من اليهود أُشربوا حبّ العجل فلم يتوبوا، وقيل : هم من مات منهم قبل رجوع موسى من الميقات، وقال أبو العالية وتبعه الزمخشري : هو ما أمروا به من قتل أنفسهم، وقال الزمخشري والذلّة خروجهم من ديارهم لأن ذلّ الغربة مثلٌ مضروب انتهى، وينبغي أن يقول استمرار انقطاعهم عن ديارهم لأنّ خروجهم كان سبق على عبادة العجل، وقال عطية العوفيّ : هو في قتل بني قريظة وإجلاء بني النضير لأنهم تولوا متخذي العجل، وقيل : ما نال أولادهم على عهد رسول الله ( ﷺ ) من السبي والجلاء والجزية وغيرها، وجمع هذين القولين الزمخشري فقال : هو ما نال أبناءهم وهم بنو قريضة والنضير من غضب الله تعالى بالقتل والجلاء ومن الذلة بضرب الجزية انتهى، والغضب إن أخذ بمعنى الإرادة فهو صفة ذات أو بمعنى العقوبة فهو صفة فعل والظاهر أن قوله ﴿ في الحياة الدنيا ﴾ متعلق بقوله ﴿ سينالهم ﴾، وكذلك أي مثل ذلك النيل من الغضب والذلّة نجزي من افترى الكذب على الله وأي افتراء أعظم من قولهم ﴿ هذا إلهكم وإله موسى ﴾ و﴿ المفترين ﴾ عامّ في كل مفتر، وقال أبو قلابة ومالك وسفيان بن عيينة : كل صاحب بدعة أو فرية ذليل واستدلّوا على ذلك بالآية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾