قلنا : إن هذا العمل فعله أفضل من تركه، وإذا كان الأمر كذلك : فحينئذ نعلم أن الرسول قد أتى به في الجملة، لأن العلم الضروري حاصل بأن الرسول لا يجوز أن يواظب طول عمره على ترك الأفضل، فعلمنا أنه عليه السلام قد أتى بهذا الطريق الأفضل.
وأما أنه هل أتى بالطرف الأحسن فهو مشكوك، والمشكوك لا يعارض المعلوم، فثبت أنه عليه السلام أتى بالجانب الأفضل.
ومتى ثبت ذلك وجب أن يجب علينا ذلك لقوله تعالى في هذه الآية :﴿واتبعوه﴾ فهذا أصل شريف، وقانون كلي في معرفة الأحكام، دال على النصوص لقوله تعالى :﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يوحى﴾ [ النجم : ٣، ٤ ] فوجب علينا مثله لقوله تعالى :﴿واتبعوه ﴾.
وأما قوله :﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ ففيه بحثان : أحدهما : أن كلمة "لعل" للترجي، وذلك لا يليق بالله، فلا بد من تأويله.
والثاني : أن ظاهره يقتضي أنه تعالى أراد من كل المكلفين الهداية والإيمان على قول المعتزلة، والكلام في تقرير هذين المقامين قد سبق في هذا الكتاب مراراً كثيرة، فلا فائدة في الإعادة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٢٣ ـ ٢٧﴾