والحطة تعني الدعاء بأن يقولوا : يا رب حط عنا ذنوبنا فنحن قد استجبنا لأمرك وجئنا إلى القرية التي أمرتنا أن نسكنها، وكان عليهم أن يدخلوها ساجدين ؛ لأن الله قد أنجاهم من التيه بعد أن أنعم عليهم ورفّههم فيه. وإذا ما فعلوا ذلك سيكون لهم الثواب وهو :﴿... نَّغْفِرْ لَكُمْ خطيائاتكم سَنَزِيدُ المحسنين ﴾ [ الأعراف : ١٦١ ]
وسبحانه يغفر مرة ثم يكتب حسنة، أي سلب مضرة، وجلب منفعة، لكن هناك في سورة البقرة قد جاء النص التالي :﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادخلوا هذه القرية فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وادخلوا الباب سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ المحسنين ﴾ [ البقرة : ٥٨ ]
فالكيان العام واحد ونجد خلافاً في الألفاظ واللقطات عن الآية التي وردت في سورة الأعراف. أول خلاف ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ﴾، و ﴿ وَإِذْ قِيلَ ﴾، وشاء الحق ذلك ليأتي لنا بلقطة مختلفة كنا أوضحنا من قبل. ففي آية سورة البقرة يقول سبحانه :﴿ ادخلوا ﴾ وفي آية سورة الأعراف يقول :﴿ اسكنوا ﴾، ونعلم أن الدخول يكون لغاية وهي السكن أي ادخلوا لتسكنوا، وأوضح ذلك بقوله في سورة الأعراف :﴿ اسكنوا ﴾ ليبين أن دخولهم ليس للمرور بل للإِقامة.
وأراد سبحانه أن يعطيهم الغاية النهائية ؛ لأنه لا يسكن أحد في القرية إلا إذا دخلها.
وهكذا نرى أن كلمات القرآن لا تأتي لتكرار، بل للتأسيس وللإِتيان بمعنى جديد يوضح ويبين ويشرح. ويقول الحق هنا في سورة الأعراف :﴿ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ ﴾. وفي آية سورة البقرة يقول :﴿ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً ﴾.


الصفحة التالية