وقيل طبرية، والعرب تسمى المدينة قرية، وعن أبي عمرو بن العلاء ما رأيت قرويين أفصح من الحسن والحجاج يعني رجلين من أهل المدن، وقوله :﴿كَانَتْ حَاضِرَةَ البحر﴾ يعني قريبة من البحر وبقربه وعلى شاطئه والحضور نقيض الغيبة كقوله تعالى :﴿ذلك لِمَنْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى المسجد الحرام﴾ [ البقرة : ١٩٦ ] وقوله :﴿إِذْ يَعْدُونَ فِى السبت﴾ يعني يجاوزون حد الله فيه، وهو اصطيادهم يوم السبت وقد نهوا عنه، وقرىء ﴿يَعْدُونَ﴾ بمعنى يعتدون أدغمت التاء في الدال ونقلت حركتها إلى العين و ﴿يَعْدُونَ﴾ من الأعداد وكانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم مأمورون بأن لا يشتغلوا فيه بغير العبادة و ﴿السبت﴾ مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها فقوله :﴿إِذْ يَعْدُونَ فِى السبت﴾ معناه يعدون في تعظيم هذا اليوم، وكذلك قوله :﴿يَوْمَ سَبْتِهِمْ﴾ معناه : يوم تعظيمهم أمر السبت، ويدل عليه قوله :﴿وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ﴾ ويؤكده أيضاً قراءة عمر بن عبد العزيز ( يوم أسباتهم ) وقرىء ﴿لاَ يَسْبِتُونَ﴾ بضم الباء، وقرأ على رضى الله عنه ﴿لاَ يَسْبِتُونَ﴾ بضم الياء من أسبتوا، وعن الحسن ﴿لاَ يَسْبِتُونَ﴾ على البناء للمفعول، وقوله :﴿إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ﴾ نصب بقوله :﴿يَعْدُونَ﴾ والمعنى : سلهم إذ عدوا في وقت الإتيان، وقوله :﴿يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا﴾ أي ظاهرة على الماء وشرع جمع شارع وشارعة وكل شيء دان من شيء فهو شارع، ودار شارعة أي دنت من الطريق، ونجوم شارعة أي دنت من المغيب.
وعلى هذا فالحيتان كانت تدنو من القرية بحيث يمكنهم صيدها، قال ابن عباس ومجاهد : إن اليهود أمروا باليوم الذي أمرتم به، يوم الجمعة، فتركوه واختاروا السبت فابتلاهم الله به وحرم عليهم الصيد فيه وأمروا بتعظيمه، فإذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر.
فإذا انقضى السبت ذهبت وما تعود إلا في السبت المقبل.