قال رواة هذا القصص : فيقرب الحوت ويكثر حتى يمكن أخذه باليد فإذا كان ليلة الأحد غاب بجملته وقيل غابت كثرته ولم يبق منه إلا القليل الذي يتعب صيده، قاله قتادة ففتنهم ذلك وأضر بهم فتطرقوا إلى المعصية بأن حفروا حفراً يخرج إليها ماء البحر على أخدود فإذا جاء الحوت يوم السبت وحصل في الحفرة ألقوا في الأخدود حجراً فمنعوه الخروج إلى البحر فإذا كان الأحد أخذوه فكان هذا أول التطرق.
وروى أشهب عن مالك قال : زعم ابن رومان أنهم كانوا يأخذ الرجل خيطاً ويصنع فيه وهقة وألقاها في ذنب الحوت، وفي الطرف الآخر من الخيط وتد مضروب، وتركه كذلك إلى الأحد، ثم تطرق الناس حين رأوا من صنع هذا لا يبتلى كثر صيد الحوت ومشي به في الأسواق، وأعلن الفسقة بصيده وقالوا ذهبت حرمة السبت فقامت فرقة من بني إسرائيل ونهت وجاهزت بالنهي واعتزلت، والعامل في قوله :﴿ ويوم لا يسبتون ﴾ قوله :﴿ لا تأتيهم ﴾ وهو ظرف مقدم، وقرأ عمر بن عبد العزيز " حيتانهم يوم أسباتهم "، وقرأ نافع وأبو عمرو والحسن وأبو جعفر والناس " يسبِتون " بكسر الباء، وقرأ عيسى بن عمر وعاصم بخلاف " يسبتُون " بضمها، وقرأ الحسن بن أبي الحسن وعاصم بخلاف " يُسبتون " من أسبت إذا دَخل في السبت، ومعنى قوله :﴿ كذلك ﴾ الإشارة إلى أمر الحوت وفتنتهم به، هذا على من وقف على ﴿ تأتيهم ﴾ ومن وقف على ﴿ كذلك ﴾ فالإشارة إلى كثرة الحيتان شرعاً، أي فما أتى منها فهو قليل، و﴿ نبلوهم ﴾ أي نمتحنهم لفسقهم وعصيانهم.
قال القاضي أبو محمد : وفي قصص هذه الآية رواية وتطويل اختصرته واقتصرت منه على ما لا تفهم ألفاظ الآية إلا به. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon