وفي سورة يوسف نقرأ :﴿ هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً... ﴾ [ يوسف : ١٠٠ ]
وهنا يقول الحق سبحانه :﴿ وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى إِذِ استسقاه قَوْمُهُ أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ الحجر فانبجست مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْناً... ﴾ [ الأعراف : ١٦٠ ]
إنهم لا يريدون حتى مجرد الاشتراك في الماء تحسباً للاختلاف فيما بينهم، فجعل الحق لكل سبط منهم عيناً يشرب منها ليعالج ما فيهم من داءات الغيرة والحقد على بعضهم البعض ؛ لأن الحق قال عنهم :﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثنتي عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً ﴾.
وهنا وقفة لغوية فقط، والأسباط في أولاد يعقوب وإسحاق يقابلون القبائل في أولاد إسماعيل، وأولاد إسماعيل " العرب " يسمونهم قبائل، وهؤلاء يسمونهم " أسباطاً "، ونعرف أن لفظ " اثنتي " يدل على أنهم إناث، و " عشرة " أيضاً إناث، لأننا نقول :" جاءني رجلان اثنان " و " امرأتان اثنتان " ؛ أي اثنان للذكور، واثنتان للإِناث، وكلمة " اثنتي عشرة " عدد مركب وتمييزه يكون دائماً مفرداً، ولذلك يقول الحق :﴿ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً ﴾.
إذن " اثنتا عشرة " يدل على أنه مؤنث. لكن المذكور هنا " سبط " وسبط مذكر، ولنا أن نعرف أنه إذا جمع صار مؤنثاً لأنهم يقولون :" كل جمع مؤنث " وأيضاً فالمراد بالأسباط القبائل، ومفردها قبيلة وهي مؤنثة، وقطعهم أي كانت لهم - من قبل - وحدة تجمعهم، فأراد الحق أن يلفتنا إلى أنهم من شيء واحد، فجاء بكلمة " أسباط " مكان قبيلة، وقبيلة مفردة مؤنثة، ويقال :" اثنتا عشرة قبيلة "، ولا يقال اثنتا عشرة قبائل، فوضع أسباطاً، موضع قبيلة لأن كل قبيلة تضم أسباطاً لذا جاء التمييز مذكراً... ﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثنتي عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً... ﴾ [ الأعراف : ١٦٠ ]