وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ وإذ قالت أمة منها لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ﴾
اختلفوا في القائلين هذه المقالة فقال بعض المفسرين إن أهل القرية افترقوا ثلاث فرق اعتدت وأصابت الخطيئة وفرقة نهتهم عن ذلك الفعل وفرقة أمسكت عن الصيد وسكتت عن موعظة المعتدين.
وقالوا للناهين : لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً، يعني أنهم لاموهم على موعظة قوم يعلمون أنهم غير متعظين ولا منزجرين فقالت الفرقة الناهية للذين لاموهم.
معذرة إلى ربكم يعني أن موعظتنا إياهم معذرة إلى ربكم لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب علينا فموعظتنا لهؤلاء عذر لنا عند الله ﴿ ولعلهم يتقون ﴾ أي : وجائز عندنا أن ينتفعوا بالموعظة فيتقوا الله ويتركوا ما هم فيه من الصيد وقال بعضهم : إن أهل القرية كانوا فرقتين فرقة نهت وزجرت عن السوء وفرقة عملت بالسوء فعلى هذا يكون الذين قالوا لم تعظون قوماً الله مهلكهم الفرقة المعتدية وذلك أن الفرقة الناهية قالوا للفرقة المعتدية انتهوا قبل أن ينزل بكم عذاب شديد إن لم تنتهوا عما أنتم فيه فقالت لهم الفرقة المعتدية : لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً؟ والمعنى : لم تعظونا وقد علمتم أن الله مهلكنا أو منزل بنا عذابه، والقول الأول أصح لأنهم لو كانوا فرقتين لكان قولهم معذرة إلى ربكم خطاباً من الناهية للمعتدية. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾