وقيل : العذاب البِئس هو المسخ، فيكون قوله :﴿ فلما عتوا عما نهوا عنه ﴾ بياناً"جمال العذاب البئس، ويكون قوله :﴿ فلما عتوا ﴾ بمنزلة التأكيد لقوله :﴿ فلما نسوا ﴾ صيغ بهذا الأسلوب لتهويل النسيان والعتو، ويكون المعنى : أن النسيان، وهو الإعراض، وقع مقارناً للعتو.
و﴿ ما ذكّروا به ﴾ و ﴿ ما نُهوا عنه ﴾ ما صْدَقُهما شيء واحد، فكان مقتضى الظاهر أن يقال : فلما نسوا وَعتوا عما نهوا عنه وذُكروا به قلنا لهم الخ، فعدل عن مقتضى الظاهر إلى هذا الأسلوب من الإطناب لتهويل أمر العذاب، وتكثير أشكاله، ومقام التهويل من مقتضيات الأطناب، وهذا كإعادة التشبيه في قول لبيد:
فتنازعا سبطاً يطير ظلاله...
كدخان مُشعَلة يشبّ ضرامها
مشمولةٍ غُلِثت بنابت عَرفج...
كدُخان نار ساطع أسنامها
ولكن أسلوب الآية أبلغ وأوفر فائدة، وأبعد عن التكرير اللفظي، فما في بيت لبيد كلامٌ بليغ، وما في الآية كلام معجز. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon