وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ فلما عتوا عن ما نهوا عنه ﴾
قول ابن عباس : أبوا أن يرجعوا عن المعصية والعتو عبارة عن الإباء والعصيان والمعنى فلما عتوا عما نهوا يعني عن ترك ما نهوا عنه وتمردوا في العصيان من اعتدائهم في السبت واستحلالهم ما حرم الله عليهم من صيد السمك في يوم السبت وأكله ﴿ قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ﴾ يعني صاغرين مبعدين من كل خير.
قال قتادة : لما عتوا عما نهوا عنه مسخهم الله فصيرهم قردة تتعاوى بعد ما كانوا رجالاً ونساء.
وقال ابن عباس : جعل الله منهم القردة والخنازير فزعم أن شبان القوم صاروا قردة وأن المشيخة صاروا خنازير، قيل إنهم بقوا ثلاثة أيام ينظر الناس إليهم ثم هلكوا جميعاً. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ﴾.
أي استعصوا والعتوّ الاستعصاء والتأبيّ في الشيء وباقي الآية تقدم تفسيره في البقرة، والظاهر أن العذاب والمسخ والهلاك إنما وقع بالمعتدين في السبت والأمة القائلة ﴿ لم تعظون قوماً ﴾ هم من فريق النّاهين الناجين وإنما سألوا إخوانهم عن علة وعظهم وهو لا يجدي فيهم شيئاً البتة أذ الله مهلكهم أو معذّبهم فيصير الوعظ إذ ذاك كالبعث كوعظ المساكين فإنهم يسخرون بمن يعظهم وكثير ما يؤدي إلى تنكيل الواعظ وعلى قول من زعم أن الأمة القائلة ﴿ لم تعظون ﴾ هم العصاة قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء أي تزعمون أن الله مهلكهم أو معذبهم تكون هذه الأمة من الهالكين الممسوخين والظاهر من قوله ﴿ فلما عتوا ﴾ أنهم أولاً أخذوا بالعذاب حين نسوا ما ذكروا به ثم لما عتوا مسخوا، وقيل :﴿ فلما عتوا ﴾ تكرير لقوله :﴿ فلما نسوا ﴾ والعذاب البئيس هو المسخ. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾