وقال الثعلبى :
﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ﴾
واختلف العلماء في الفرقة الذين قالوا :( لِمَ تعظون قوماً ) كانت من الناجية أو من الهالكة؟ فقال بعضهم : كانت من الناجية لأنّها كانت من الناهية.
وقال آخرون : كانت من الفرقة الهالكة، لأنّهم كانوا من الخاطئة وذلك أنهم لما نهوا وقالوا لهم انتهوا عن هذا العمل قبل أن ينزل بكم العذاب فإنّا قد علمنا أن الله تعالى منزل عليكم بأسه إن لم تنتهوا قالوا لهم ﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً الله مُهْلِكُهُمْ ﴾ إذ علمتم أنّ الله معذبهم ﴿ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ ﴾ أي هذه معذرة، وقرأ حفص : معذرة أي يفعل ذلك معذرة ﴿ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ صيد الحيتان والصواب أنها كانت من الفرقة الناجية وأن هذا الكلام من قول المؤمنين بعضهم لبعض لأنّه لو كان الخطاب للمعتدين لقالوا : ولعلكم تتّقون يدلّ عليه قول يمان بن رئاب نحن الطائفتان اللذان قالوا ﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً الله مُهْلِكُهُمْ ﴾ والذين قالوا ﴿ مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ ﴾ فأهلك الله أهل المعصية الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة وخنازير.
وقال ابن عباس : ليت شعري ما فعل هؤلاء الذين قالوا :﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً الله مُهْلِكُهُمْ ﴾ قال عكرمة : فقلت له : جعلني الله فداك ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم وقالوا :﴿ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً الله مُهْلِكُهُمْ ﴾ فلم أزل به حتّى عرّفته أنهم قد نجوا فكساني حلّة. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon