وقال أبو السعود :
﴿ والذين يُمَسّكُونَ بالكتاب ﴾
أي يتمسكون في أمور دينهم، يقال : مسَك بالشيء وتمسّك به. قال مجاهد : هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد اللَّه بن سلام وأصحابِه تمسكوا بالكتاب الذي جاء به موسى عليه السلام فلم يحرّفوه ولم يكتُموه ولم يتخذوه مأكلةً، وقال عطاء : هم أمةُ محمد عليه الصلاة والسلام وقرىء يُمْسِكون من الإمساك وقرىء تمسّكون واستمسكوا موافقاً لقوله تعالى :﴿ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ ﴾ ولعل التغييرَ في المشهورة للدلالة على أن التمسّك بالكتاب أمرٌ مستمرٌ في جميع الأزمنة بخلاف إقامةِ الصلاة فإنها مختصةٌ بأوقاتها، وتخصيصُها بالذكر من بين سائر العبادات لإنافتها عليها، ومحلُّ الموصولِ إما الجرُّ نسقاً على الذين يتقون وقولُه : أفلا تعقلون اعتراضٌ مقرر لما قبله وإما الرفعُ على الابتداء والخبر قوله تعالى :﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ المصلحين ﴾ والرابطُ إما الضميرُ المحذوفُ كما هو رأيُ جمهورِ البصْريين، والتقديرُ أجرُ المصلحين منهم، وإما الألفُ واللامُ كما هو رأيُ الكوفيين فإنه في حكم مُصلحيهم كما في قوله تعالى :﴿ فَإِنَّ الجنة هِىَ المأوى ﴾ أي مأواهم وقوله تعالى :﴿ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ اأابواب ﴾ أي أبوابُها، وإما العمومُ في مصلحين فإنه من الروابط، ومنه نعم الرجلُ زيدٌ على أحد الوجوه. وقيل : الخبرُ محذوفٌ والتقديرُ : والذين يمسّكون بالكتاب مأجورون أو مثابرون وقوله تعالى :﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ ﴾ الخ، اعتراضٌ مقرر لما قبله. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾