وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا أَيْ : وَاسْأَلْهُمْ عَنْ حَالِ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَالَتْ أُمَّةٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ كَيْتَ وَكَيْتَ تَدُلُّ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا كُلُّهُمْ، وَأَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ، فِرْقَةُ الْعَادِينَ الَّتِي أُشِيرُ إِلَيْهَا فِي الْآيَةِ الْأُولَى، وَفِرْقَةُ الْوَاعِظِينَ الَّذِينَ نَهَوُا الْعَادِينَ عَنِ الْعُدْوَانِ وَوَعَظُوهُمْ لِيَكُفُّوا عَنْهُ، وَهِيَ الَّتِي أُشِيرُ إِلَيْهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِرْقَةُ اللَّائِمِينَ لِلْوَاعِظِينَ الَّتِي قَالَتْ لَهُمْ : لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا قَضَى الله عَلَيْهِمْ بِالْهَلَكَةِ أَوِ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ، فَهُوَ إِمَّا مُهْلِكُهُمْ بِالِاسْتِئْصَالِ أَوْ بِعَذَابٍ شَدِيدٍ دُونَ الِاسْتِئْصَالِ، أَوِ الْمَعْنَى مُهْلِكُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَمُعَذِّبُهُمْ فِي الْآخِرَةِ - وَأَيًّا مَا كَانَ الْمُرَادُ فِي (أَوْ) هُنَا هِيَ الْمَانِعَةُ لِلْخُلُوِّ مِنْ وُقُوعِ أَحَدِ الْجَزَاءَيْنِ، لَا الْمَانِعَةُ لِجَمْعِهِمَا، فَهِيَ لَا تَنْفِي اجْتِمَاعَهُمَا. وَفِي الْآيَةِ مِنَ الْإِيجَازِ الْبَلِيغِ مَا لَا يُوجَدُ نَظِيرُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ.
قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَيْ : قَالَ الْوَاعِظُونَ لِلَائِمِينَ : نَعِظُهُمْ وَعْظَ عُذْرٍ