اللهَ عَاقَبَهُمْ أَوَّلًا بِالْبُؤْسِ وَالشَّقَاءِ فِي الْمَعِيشَةِ ; لِأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يُرَبِّيهِ وَيُهَذِّبُهُ إِلَّا الشِّدَّةُ وَالْبُؤْسُ كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُرَبِّيهِ وَيُهَذِّبُهُ الرَّخَاءُ وَالنِّعْمَةُ، وَبِكُلٍّ يَبْتَلِي اللهُ عِبَادَهُ وَيَمْنَحُهُمْ كَمَا قَالَ : وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً (٢١ : ٣٥) وَقَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ : وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧ : ١٦٨) وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَمْ يَزِدْهُمُ الْبُؤْسُ وَالسُّوءُ إِلَّا عُتُوًّا وَإِصْرَارًا عَلَى الْفِسْقِ وَالظُّلْمِ فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ، وَمَسَخَهُمْ مَسْخَ خُلُقٍ وَبَدَنٍ فَكَانُوا قِرَدَةً بِالْفِعْلِ، أَوْ مَسْخَ خُلُقٍ وَنَفْسٍ، فَكَانُوا كَالْقِرْدَةِ فِي طَيْشِهَا وَشَرِّهَا وَإِفْسَادِهَا لِمَا تَصِلُ إِلَيْهِ أَيْدِيهَا، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَالثَّانِي قَوْلُ مُجَاهِدٍ قَالَ : مُسِخَتْ قُلُوبُهُمْ فَلَمْ يُوَفَّقُوا لِفَهْمِ الْحَقِّ.
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ


الصفحة التالية
Icon