" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله تعالى :﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ ﴾ الآية.
قال الواحديُّ : وأكثر أهل اللغة على أنَّ :" التَّأذَُّ " بمعنى الإيذان، وهو الإعلامُ.
قال الفارسي :" آذَنَ " أعْلَمَ، و" أذَّنَ " نادى وصاح للإعلام، ومنه قوله ﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ ﴾ [ الأعراف : ٤٤ ].
قال : وبعض العرب يُجْرِي " آذَنْتُ " مجرى " تَأذَّنْتُ " فيجعل " آذَانَ وتَأذَّنَ " بمعنى فإذا كان " أذَّنَ " أعلم في لغة بعضهم، ف " أذَّنَ " تفعَّل من هذا.
وقيل : معناه : حَتَّمَ وأوْجبَ وهو معنى قول مجاهد : أمر ربك، وقول عطاء : حكم ربّك.
وقال الزمخشري :" تأذَّن " عزم ربك، وهو تفعَّل من الإيذانِ وهو الإعلامُ ؛ لأنَّ العازمَ على الأمر يُحدِّثُ به نفسه ويؤذنها بفعله، وأجري مُجْرَى فعل القسم كـ : عَلِمَ الله، وشَهِدَ الله، ولذلك أجيب بما يجابُ به القسم وهو :" لَيَبْعَثَنَّ ".
وقال الطبريُّ وغيره " تَأذَّنَ " معناه " أعْلَمَ "، وهو قلقٌ من جهة التصريف، إذ نسبةُ " تأذَّنَ " إلى الفاعل غيرُ نسبة " أعْلَمَ "، وبين ذلك فرقٌ من التعدي وغيره.
وقال ابن عباس : تأذَّنَ ربُّك قال ربُّكَ.
قوله :﴿ إلى يَوْمِ القيامة ﴾ فيه وجهان :
أصحهما : أنَّهُ متعلقٌ بـ : لِيَبَعْثَنَّ.
والثاني : أنَّهُ متعلقٌ بـ : تَأذَّنَ نقله أبو البقاء، ولا جائزٌ أن يتلعق بـ : يَسُومُهُمْ ؛ لأن " مَنْ " إمَّا موصولةٌ، وإمَّا موصوفةٌ، والصلةُ والصفة لا يعملان فيما قبل الموصول والموصوف. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٩ صـ ٣٦٦﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧) ﴾
إذا الحقُّ - سبحانه - أمضى سُنَتَه بالإنذار وتقديم التعريف بما يستحقه كلُّ أحد على ما يحصل منه من الآثار إبداءٌ للعذر - وإنْ جلت رتبته عن كل عذر - فإِنْ يَنْجَعْ فيهم القولُ وإلا دَمَّرَ عليهم بالعذاب. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٥٨٢﴾