وانتصب ﴿ دونَ ذلك ﴾ على الظرفية وصفاً لمحذوف دل عليه قوله :﴿ منهم ﴾ أي ومنهم فريق دون ذلك، ويجوز أن تكون ( مِن ) بمعنى بعض اسماً عند من يجوّز ذلك، فهي مبتدأ، و ﴿ دون ﴾ خبر عنه.
ويحتمل أن تكون الآية تشير إلى تفريقهم في الأرض في مدة ملوك بابل، وإنهم كانوا في مدة إقامتهم ببابل ﴿ منهم الصالحون ﴾ مثل ( دانيال ) وغيره، ومنهم دون ذلك، لأن التقسيم بمِنهم مشعر بوفرة كلا الفريقين.
وقوله :﴿ وبلوناهم بالحسنات والسيئات ﴾ أي أظهرنا مختلف حال بني إسرائيل في الصبر والشكر، أو في الجزع والكفر، بسبب الحسنات والسيئات، فهي جمع حسنة وسيئة بمعنى التي تَحسن والتي تَسوء، كما تقدم في قوله :﴿ فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئةٌ يطيّروا بموسى ومن معه ﴾ [ الأعراف : ١٣١ ] وعلى هذا يكون الحسنات والسيئات تفصيلاً للبلوى، فالحسنات والسيئات من فعل الله تعالى، أي بالتي تحسن لفريق الصالحين وبالتي تسوء فريق غيرهم، توزيعاً لحال الضمير المنصوب في قوله :﴿ بلوناهم ﴾.
وجملة :﴿ لعلهم يرجعون ﴾ استئناف بياني أي رجاء أن يتوبوا أي حين يذكرون مدة الحسنات والسيئات، أو حين يرون حسن حال الصالحين وسوء حال من هم دون ذلك، على حسب الوجهين المتقدمين.
والرجوع هنا الرجوع عن نقض العهد وعن العصيان، وهو معنى التوبة.
هذا كله جري على تأويل المفسرين الآية في معنى ﴿ قَطّعناهم ﴾.


الصفحة التالية
Icon