يعني في كونه حذف الموصوفُ وأقيم الجملة الوصفية مقامهُ، كما قام مقامه الظرفُ الوصفيُّ، والتفصيل بـ " مِنْ " يجوزُ فيه حذفُ الموصوف وإقامةُ الصِّفة مقامه كقولهم : منَّ ظَعَنَ ومنَّا أقَامَ.
وقال ابنُ عطيَّة : فإن أريدَ بالصَّلاح الإيمانُ ف " دُونَ " بمعنى " غير " يُراد به الكفرة.
قال أبُو حيان : إن أراد أنَّ دُونَ ترادفُ " غيراً "، فليس بصحيحٍ، وإن أراد أنَّهُ يلزم أنَّ من كان دون شيء أن يكون غيراً له فصحيح، وذلك إمَّا أن يُشارَ به إلى الصَّلاح وإمَّا أن يُشار به إلى الجماعة، فإن أشير به إلى الصلاح ؛ فلا بد من حذفِ مضاف، ليصحَّ المعنى، تقديره : ومنهم دُون أهل ذلك الصلاح، ليعتدلَ التقسيم، وإن أُشير به إلى الجماعة، أي : ومنهم دون أولئك الصالحين، فلا حاجة إلى تقدير مضافٍ ؛ لاعتدار التقسيم بدونه.
وقال أبو البقاء : دُون ذلِكَ ظرفٌ أو خبر على ما ذكرنا في قوله :﴿ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ﴾ [ الأنعام : ٩٤ ] وفيه نظر من حيث إن " دُونَ " ليس بخبر.
قوله :﴿ وَبَلَوْنَاهُمْ بالحسنات ﴾ أي : عاملناهم معاملة المبتلى المختبر بالحسناتِ، وهي : النِّعمُ والخصبُ، والعافيةُ، والسَّيِّئاتِ وهي الجدب، والشَّدائدُ.
قال أهل المعاني : وكُلُّ واحدةٍ من الحسناتِ والسيئاتِ تدعُو إلى الطَّاعة، أمَّا النعم فللترغيب، وأمَّا النِّقَمُ فللترهيب.
﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ : لكي يندموا ويتوبوا ويرجعوا إلى طاعة ربِّهم. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٩ صـ ٣٦٨ ـ ٣٦٩﴾. باختصار.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨) ﴾


الصفحة التالية
Icon