قال الآلوسى :
﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ ﴾ أي المذكورين، وقيل : الصالحين ﴿ خَلْفٌ ﴾ أي بدل سوء مصدر نعت به ولذلك يقع على الواحد والجمع، وقيل : هو اسم جمع وهو مراد من قال : إنه جمع وهو شائع في الشر، ومنه سكت ألفاً ونطق خلفاً والخلف بفتح اللام في الخير وادعى بعضهم الوضع لذلك، وقيل : هما بمعنى وهو من يخلف غيره صالحاً كان أو طالحاً، ومن مجيء الساكن في المدح قول حسان :
لنا القدم الأولى إليك وخلفنا...
لأولنا في طاعة الله تابع
ومن مجيء المتحرك في الذم قول لبيد :
ذهب الذين يعاش في أكنافهم...
وبقيت في خلف كجلد الأجرب
وعن البصريين أنه يجوز التحريك والسكون في الردى وأما الجيد فبالتحريك فقط ووافقهم أهل اللغة إلا القراء وأبا عبيدة واشتقاقه إما من الخلافة أو من الخلوف وهو الفساد والتغير ومنه خلوف فم الصائم، وقال أبو حاتم : الخلف بالسكون الأولاد الواحد والجمع فيه سواء والخلف بالفتح البدل ولدا كان أو غريباً ؛ والأكثرون على أن المراد بهؤلاء الخلف الذين كانوا في عصر رسول الله ﷺ وحينئذ لا يصح تفسير الصالحين بمن آمن به عليه الصلاة والسلام، والظاهر أنهم من اليهود وعن مجاهد أنهم النصارى وليس بذاك ﴿ وَرِثُواْ الكتاب ﴾ أي التوراة والوراثة مجاز عن كونها في أيديهم وكونهم واقفين على ما فيها بعد أسلافهم.
وقرأ الحسن ﴿ وَرِثُواْ ﴾ بالضم والتشديد مبنياً لما لم يسم فاعله والجملة على القراءتين في موضع الصفة لخلف وقوله سبحانه :﴿ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذا الادنى ﴾ استئناف مسوق لبيان ما يصنعون باكلتاب بعد وراثتهم إياه.
وقال أبو البقاء.
حال من الضمير في ورثوا واستظهره بعضهم ويكفي مقارنته لبعض زمان الوراثة لامتداده، والغرض ما لا ثبات له ومنه استعار المتكلمون العرض لمقابل الجوهر.