وأجيب : بأن فائدة الأخذ غير منحصرة في الاستحقاق المذكور بل يجوز أن تكون إظهار كمال القدرة لمن حضر من الملائكة أو إقامة الحجة يوم القيامة كما يقتضيه قول البعض في الآية، وكونهم إذ ذاك أدون حالاً من الأطفال في حز البطلان كما لا يخفى على من هو أدون حالاً من الأطفال، وقالوا رابعاً : إنه سبحانه وتعالى قال :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مّن طِينٍ ﴾ [ المؤمنون : ١٢ ] وقال جل وعلا :﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ﴾ [ الطارق : ٥، ٦ ] وكون أولئك الذر أناسى ينافي كون الإنسان مخلوقاً مما ذكر.
وأجيب بأن الإنسان في هذه النشأة مخلوق من ذلك ولا يلزم منه أن يكون في تلك النشأة كذلك على أن الله تعالى لا يعجزه شيء، وبالجملة ينبغي للمؤمن أن يصدق بذلك الأخذ فقد نطقت به الأخبار الصادرة من منبع الرسالة، ولا يلتفت إلى قول من قال : إنها متروكة العمل لكونها من الآحاد فإن ذلك يؤدي إلى سد باب كبير من الفتوحات الغيبية ويحرم قائله من عظيم المنح الإلهية.
وقد روى البيهقي في المدخل عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال : الذين لقيناهم كلهم يثبتون خبر واحد عن واحد عن النبي ﷺ ويجعلونه سنة حمد من تبعها وعيب من خالفها، وقال : من خالف هذا المذهب كان عندنا مفارقاً لسبيل أصحاب رسول الله ﷺ وأهل العلم بعدهم وكان من أهل الجهالة، وفي "جامع الأصول" عن رزين عن أبي رافع أن رسول الله ﷺ قال :" لأعرفن الرجل منكم يأتيه الأمر من أمري أنا أمرت به أو نهيت عنه وهو متكىء في أريكته فيقول : ما ندري ما هذا عندنا كتاب الله تعالى وليس هذا فيه " الحديث، ولا ينبغي البحث عن كيفية ذلك فإنه من العلوم المسكوت عنها المحتاجة إلى كشف الغطاء وفيض العطاء.
ومن ذلك ما أخرجه الجندي في فضائل مكة.
وأبو الحسن القطان.
والحاكم.