وقد أُخِذَ ذلك العهدُ عليهم، وأُقرُّوا به واستشهد الحقُّ بهم، على أنفسهم حتى لا يقولوا يوم القيامه ﴿ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ ﴾ لأنه لا يصح أن نغفل عن هذا العهد أبداً، ولكنَّ الحقَّ تبارك وتعالى عرَفَ أنَّنا بشرٌ، وقال في أبينا آدم :﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إلى ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ... ﴾ [ طه : ١١٥ ]
ومادام آدم قد نسي، فنسيانه يقع عليه حيث بيَّن وأوضح لنا الإسلام أن الأمم السابقة على الإسلام تؤخذ بالنسيان، وجاء رسول الله ﷺ بخبر واضح : فقال عليه الصلاة والسلام :
" رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
والخطأ معلوم، كأن يقصدَ الإنسانُ شيئاً ويحدث غيرهُ، والنسيانُ ألاَّ يجيءَ الحكمُ على بال الإنسان. والمُكْرَهُ هو من يقهره من هُو أقْوى منه بفقدان حياته أو بتهديد حريته وتقييدها ما لم يفعل ما يؤمر به، وفي الحالات الثلاث يرفع التكليف عن المسلم. وذكر الرسول ﷺ أن الله أكرم الأمة المحمدية بصفة خاصة برفع ما ينساه المسلم. وهذا دليل على أن من عاشوا قبل بعثة رسول الله ﷺ كانوا يؤاخذون به. وإذا سلسلنا من قبل رسول الله ﷺ نصل إلى سيدنا آدم الذي خُلق بيد الله المباشرة، بينما نحن أبناء آدم مخلوقون بالقانون ؛ أن يوجد رجل وتوجد امرأة وتوجد علاقة زوجية فيأتي النسل.
وقد كلف الله آدم في الجنة التي أعدها له ليتلقى التدريب على عمارة الأرض بأمر ونهي ؛ فقال له سبحانه وتعالى :﴿ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة... ﴾ [ البقرة : ٣٥ ]


الصفحة التالية
Icon