وقال الشوكانى :
﴿ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ﴾
قوله :﴿ وَإِذْ ﴾ منصوب بفعل مقدر معطوف على ما قبله، أي واسألهم إذ نتقنا الجبل، أي رفعنا الجبل ﴿ فَوْقَهُمُ ﴾ و ﴿ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ﴾ أي : كأنه لارتفاعه سحابة تظلهم، والظلة : اسم لكل ما أظلّ، وقرىء "طلة" بالطاء من أطلّ عليه إذا أشرف ﴿ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ ﴾ أي : ساقط عليهم.
قيل : الظنّ هنا بمعنى العلم.
وقيل : هو على بابه ﴿ خُذُواْ مَا ءاتيناكم بِقُوَّةٍ ﴾ هو على تقدير القول، أي وقلنا لهم خذوا، والقوّة : الجدّ والعزيمة، أي أخذاً كائناً بقوّة ﴿ واذكروا مَا فِيهِ ﴾ من الأحكام التي شرعها الله لكم، ولا تنسوه ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ رجاء أن تتقوا ما نهيتهم عنه، وتعملوا بما أمرتم به، وقد تقدّم تفسير " ما " هنا في البقرة مستوفى، فلا نعده.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِذ نَتَقْنَا الجبل ﴾ يقول : رفعناه، وهو قوله :﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطور ﴾ [ النساء : ١٥٤ ] فقال :﴿ خُذُواْ مَا ءاتيناكم بِقُوَّةٍ ﴾ وإلا أرسلته عليكم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، في الآية قال : رفعته الملائكة فوق رؤوسهم، فقيل لهم :﴿ خُذُواْ مَا ءاتيناكم بِقُوَّةٍ ﴾ فكانوا إذا نظروا إلى الجبل قالوا سمعنا وأطعنا، وإذا نظروا إلى الكتاب قالوا سمعنا وعصينا.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، أيضاً قال : إني لأعلم لم تسجد اليهود على حرف، قال الله ﴿ وَإِذ نَتَقْنَا الجبل فَوْقَهُمْ ﴾ قال : لتأخذنّ أمري أو لأرمينكم به، فسجدوا وهم ينظرون إليه مخافة أن يسقط عليهم، وكانت سجدة رضيها الله سبحانه فاتخذوها سنة.


الصفحة التالية
Icon