وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أَيْ : وَبِمِثْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ الْبَلِيغِ نُفَصِّلُ لِبَنِي آدَمَ الْآيَاتِ وَالدَّلَائِلَ ; لِيَسْتَعْمِلُوا عُقُولَهُمْ، وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ بِهَا عَنْ جَهْلِهِمْ وَتَقْلِيدِهِمْ. وَالْآيَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ بَعْثَةُ رَسُولٍ لَا يُعْذَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالشِّرْكِ بِاللهِ تَعَالَى، وَلَا بِفِعْلِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ الَّتِي تُنَفِّرُ مِنْهَا الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ، وَتُدْرِكُ ضَرَرَهَا وَفَسَادَهَا الْعُقُولُ الْمُسْتَقِلَّةُ، وَإِنَّمَا يُعْذَرُونَ بِمُخَالَفَةِ هِدَايَةِ الرُّسُلِ فِيمَا شَأْنُهُ أَلَّا يُعْرَفَ إِلَّا مِنْهُمْ. وَهُوَ أَكْثَرُ الْعِبَادَاتِ التَّفْصِيلِيَّةِ.
هَذَا مَا يَتَبَادَرُ إِلَى الْفَهْمِ مِنَ الْآيَاتِ لِذَاتِهَا.
وَلَكِنْ وَرَدَ فِي أَخْذِ الذُّرِّيَّةِ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَإِشْهَادِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُعْرَفَ إِلَّا مَنْ خَبَرِ الْوَحْيِ، وَقَدْ كَانَتْ مَوْضُوعَ بَحْثٍ وَمُنَاقَشَةٍ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ فَنُورِدُ أَمْثَلَ مَا قَالُوهُ فِيهَا. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الْآيَةِ :.