موت بعد الحياة الحاصلة في الميثاق الأول، وموت في الدنيا، وموت في القبر، وهذا العدد مخالف للعدد المذكور في قوله تعالى :﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثنتين وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين﴾ [ غافر : ١١ ].
الحجة الثانية عشرة : قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مّن طِينٍ﴾ [ المؤمنين : ١٢ ] فلو كان القول بهذا الذر صحيحاً لكان ذلك الذر هو الإنسان لأنه هو المكلف المخاطب المثاب المعاقب، وذلك باطل.
لأن ذلك الذر غير مخلوق من النطفة، والعلقة، والمضغة، ونص الكتاب دليل على أن الإنسان مخلوق من النطفة والعلقة، وهو قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مّن طِينٍ﴾ وقوله :﴿قُتِلَ الإنسان مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَىّ شَىْء خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ﴾ [ عبس : ١٧- ١٩ ] فهذه جملة الوجوه المذكورة في بيان أن هذا القول ضعيف.
والقول الثاني : في تفسير هذه الآية قول أصحاب النظر وأرباب المعقولات : أنه تعالى أخرج الذرية وهم الأولاد من أصلاب آبائهم وذلك الإخراج أنهم كانوا نطفة فأخرجها الله تعالى في أرحام الأمهات، وجعلها علقة، ثم مضغة، ثم جعلهم بشراً سوياً، وخلقاً كاملاً ثم أشهدهم على أنفسهم بما ركب فيهم من دلائل وحدانيته، وعجائب خلقه، وغرائب صنعه.
فبالإشهاد صاروا كأنهم قالوا بلى، وإن لم يكن هناك قول باللسان، ولذلك نظائر منها قوله تعالى :﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [ فصلت : ١١ ] ومنها قوله تعالى :﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [ النحل : ٤٠ ] وقول العرب :
قال الجدار للوتد لم تشقني.. قال سل من يدقني
فإن الذي ورايي.. ما خلاني ورايي
وقال الشاعر :


الصفحة التالية
Icon