قلنا : عندنا البنية ليست شرطاً لحصول الحياة، والجوهر الفرد الذي لا يتجزأ، قابل للحياة والعقل، فإذا جعلنا كل واحد من تلك الذرات جوهراً فرداً، فلم قلتم إن ظهر آدم عليه السلام لا يتسع لمجموعها ؟ إلا أن هذا الجواب لا يتم إلا إذا قلنا : الإنسان جوهر فرد.
وجزء لا يتجزأ في البدن.
على ما هو مذهب بعض القدماء، وأما إذا قلنا : الإنسان هو النفس الناطقة، وإنه جوهر غير متحيز، ولا حالَّ في المتحيز فالسؤال زائل.
وأما الوجه الثالث : وهو قوله فائدة أخذ الميثاق هي أن تكون حجة في ذلك الوقت أو في الحياة الدنيا ؟
فجوابنا أن نقول : يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد، وأيضاً أليس أن من المعتزلة إذا أرادوا تصحيح القول بوزن الأعمال، وإنطاق الجوارح قالوا : لا يبعد أن يكون لبعض المكلفين في إسماع هذه الأشياء لطف ؟ فكذا ههنا لا يبعد أن يكون لبعض الملائكة في تمييز السعداء من الأشقياء في وقت أخذ الميثاق لطف.
وقيل أيضاً إن الله تعالى يذكرهم ذلك الميثاق يوم القيامة وبقية الوجوه ضعيفة والكلام عليها سهل هين.
وأما المقام الثاني : وهو أن بتقدير أن يصح القول بأخد الميثاق من الذر.
فهل يمكن جعله تفسيراً لألفاظ هذه الآية ؟ فنقول الوجوه الثلاثة المذكورة أولاً دافعة لذلك لأن قوله :﴿أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ فقد بينا أن المراد منه، وإذا أخذ ربك من ظهور بني آدم، وأيضاً لو كانت هذه الذرية مأخوذة من ظهر آدم لقال من ظهره ذريته ولم يقل من ظهورهم ذريتهم.
أجاب الناصرون لذلك القول : بأنه صحت الرواية عن رسول الله ﷺ أنه فسر هذه الآية بهذا الوجه والطعن في تفسير رسول الله غير ممكن.


الصفحة التالية
Icon