﴿ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ إثرَ قوله تعالى :﴿ إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءادَمَ ﴾ وقيل : هي في محل النصبِ على الحالية من الكلب بناءً على خروجهما من حقيقة الشرطِ وتحوّلِهما إلى معنى التسوية حسب تحولِ الاستفهامين المتناقضين إليه في مثل قوله تعالى :﴿ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ ﴾ كأنه قيل : لاهثاً في الحالتين وأياً ما كان فالأظهرُ أنه تشبيهٌ للهيئة المنتزَعَة مما اعتراه بعد الانسلاخِ من سوء الحالِ واضطرامِ القلب ودوامِ القلق والاضطراب وعدمِ الاستراحة بحال من الأحوال بالهيئة المنتزعةِ مما ذكر من حال الكلب. وقيل : لما دعا بلعم على موسى عليه السلام خرج لسانُه فتدلى على صدره وجعل يلهث كالكلب إلى أن هَلَك.
﴿ ذلك ﴾ إشارة إلى ما ذُكر من الحالة الخسيسةِ منسوبةٌ إلى الكلب أو إلى المنسلخ، وما فيه من معنى البُعد للإيذان ببُعد منزلتِها في الخسة والدناءة أي ذلك المثلُ السيءُ ﴿ مَثَلُ القوم الذين كَذَّبُواْ بثاياتنا ﴾ وهم اليهودُ حيث أوُتوا من نعوت النبي عليه الصلاة والسلام وذِكرِ القرآن المُعجز وما فيه فصدقوه وبشروا الناسَ باقتراب مبعثِه وكانوا يستفتِحون به فلما جاءهم ما عرَفوا كفروا به وانسلخوا من حكم التوراة ﴿ فاقصص القصص ﴾ القَصصُ مصدرٌ وسُمّي به المفعولُ كالسلْب واللامُ للعهد والفاءُ لترتيب ما بعدها على ما قبلها أي إذا تحقق أن المثل المذكورَ مثلُ هؤلاء المكذبين فاقصُصه عليهم حسبما أوحي إليك ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ فيقفون على جلية الحالِ وينزجرون عما هم عليه من الكفر والضلالِ ويعلمون أنك قد علِمتَه من جهة الوحي فيزدادون إيقاناً بك. والجملةُ في محل النصب على أنها حالٌ من ضمير المخاطَب أو على أنها مفعولٌ له أي فاقصُص القصص راجياً لتفكرهم أي أو رجاءً لتفكرهم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon