والمثل بمعنى الصفة كما قال غير واحد فصفته كصفة الكلب، وقيل المراد أنه كالكلب في الخسة ﴿ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ ﴾ أي شددت عليه وطردته ﴿ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ ﴾ على حاله ﴿ يَلْهَثْ ﴾ أي أنه دائم اللهث على كل حال، واللهث ادلاع اللسان بالنفس الشديد وذلك طبع في الكلب لا يقدر على نغص الهواء المتسخن وجلب الهواء البارد بسهولة لضعف قلبه وانقطاع فؤاده بخلاف سائر الحيوانات فإنها لا تحتاج إلى النفس الشديد ولا يلحقها الكرب والمضايقة إلا عند التعب والإعياء، وإيثار الجملة الاسمية على الفعلية بأن يقال : فصار مثله كمثل الخ للإيذان بدوام اتصافه بتلك الحالة الخسيسة وكمال استمراره عليها، والخطاب في فعلي الشرط لكل أحد ممن له حظ من الخطاب فإنه أدخل في إشاعة فظاعة حاله، والجملتان الشرطيتان قيل لا محل لهما من الإعراب لأنهما تفصيل لما أجمل في المثل وتفسير لما أبهم فيه ببيان وجه الشبه على منهاج قوله تعالى :﴿ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [ آل عمران : ٥٩ ] أثر قوله سبحانه وتعالى :﴿ إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءادَمَ ﴾ [ آل عمران : ٥٩ ] وقيل : إنهما ف محل النصب على الحالية من الكلب بناءً على تحولهما إلى معنى التسوية كما تحول الاستفهام إلى ذلك في قوله تعالى :﴿ سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ ﴾ [ البقرة : ٦ ] كأنه قيل لاهثاً في الحالين، والجملة الشرطة كما قدمنا تقع حالاً مطلقاً، وقال صاحب الضوء : إنها لا تكاد تقع كذلك بتمامها بل إذا أريد وقوعها حالاً جعلت خبراً عن ذي الحال نحو جاءني زيد وهو أن تسأله يعطك فتجعل جملة اسمية مع الواو لأن الشرط لصدارته لا يكاد يرتبط بما قبله إلا أن يكون هناك فضل قوة.


الصفحة التالية
Icon