وقال أبو حيان :
﴿ من يهد الله فهو المهتدى ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون ﴾ لما تقدم ذكر المهتدين والضالين حبر تعالى : أنه هو المتصرف فيهم بما شاء من هداية وضلال وتقرّر من مذهب أهل السنة أنه تعالى هو خالق الهداية والضلال في العبد وللمعتزلة في هذا ونظائره تأويلات، قال الجبائي : وهو اختيار القاضي ﴿ من يهد الله ﴾ إلى الجنة والثواب في الآخرة ﴿ فهو المهتدي ﴾ في الدنيا السالك طريق الرشد فيما كلف فبين أنه لا يهدي إلى الثواب في الآخرة إلا من هذا وصفه ومن يضلله عن طريق الجنة ﴿ فأولئك هم الخاسرون ﴾، وقال بعضهم : في الكلام حذف أي ﴿ من يهد الله ﴾ فيقبل ويهتدي بهداه ﴿ فهو المهتدي ومن يضلل ﴾ بأن لم يقبل فهو الخاسر، وقال بعضهم : المراد من وصفه الله بأنه مهتدٍ ﴿ فهو المهتدي ﴾ لأنّ ذلك مدح ومدح الله لا يحصل إلا في حق من كان موصوفاً بذلك ﴿ ومن يضلل ﴾ أي ومن يصفه بكونه ضالاًّ فهو الخاسر، وقال بعضهم : من آتيناه الألطاف وزيادة الهدى ﴿ فهو المهتد ﴾ ﴿ ومن يضلل ﴾ عن ذلك لما تقدم منه بسوء اختياره فأخرج لهذا السبب تلك الألطاف من أن تؤثر فيه فهو الخاسر وهذه التأويلات كلها متكلفة بعيدة وظاهر الآية يرد على القدرية والمعتزلة و﴿ فهو المهتدى ﴾ حمل على لفظ من و﴿ فأولئك هم الخاسرون ﴾ حمل على معنى من وحسنه كونه فاصلة رأس آية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾