والجواب : أن الإنسان إذا تأكدت نفرته عن شيء، صارت تلك النفرة المتأكدة الراسخة مانعة له عن فهم الكلام الدال على صحة الشيء، ومانعة عن إبصار محاسنه وفضائله، وهذه حالة وجدانية ضرورية يجدها كل عافل من نفسه.
ولهذا السبب قالوا في المثل المشهور حبك الشيء يعمي ويصم.
إذا ثبت هذا فنقول : إن أقواماً من الكفار بلغوا في عداوة الرسول عليه الصلاة والسلام وفي بغضه وفي شدة النفرة عن قبول دينه والاعتراف برسالته هذا المبلغ وأقوى منه، والعلم الضروري حاصل بأن حصول البغض والحب في القلب ليس باختيار الإنسان، بل هو حاصل في القلب شاء الإنسان أم كره.
إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أن حصول هذه النفرة والعداوة في القلب ليس باختيار العبد، وثبت أنه متى حصلت هذه النفرة والعداوة في القلب، فإن الإنسان لا يمكنه مع تلك النفرة الراسخة والعداوة الشديدة تحصيل الفهم والعلم، وإذا ثبت هذا ثبت القول بالجبر لزوماً لا محيص عنه.
ونقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خطبة في تقرير هذا المعنى وهو في غاية الحسن.


الصفحة التالية
Icon