وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ ﴾
قال الزجاج : هذا نسق على ما قبله، والمعنى : أتل عليهم إذ أخذ ربك، ﴿ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ﴾ وفيه ستة أقوال.
أحدها : أنه رجل من بني إسرائيل، يقال له : بلعم بن أبر، قاله ابن مسعود.
وقال ابن عباس : بلعم بن باعوراء.
وروي عنه : أنه بلعام بن باعور، وبه قال مجاهد، وعكرمة، والسدي.
وروى العوفي عن ابن عباس أن بلعماً من أهل اليمن.
وروى عنه ابن أبي طلحة أنه من مدينة الجبَّارين.
والثاني : أنه أُميَّة بن أبي الصلت، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص، وسعيد بن المسيب، وأبو روق، وزيد بن أسلم، وكان أمية قد قرأ الكتب، وعلم أن الله مرسِل رسولاً، ورجا أن يكون هو، فلما بُعث النبي ﷺ، حسده وكفر.
والثالث : أنه أبو عامر الراهب، روى الشعبي عن ابن عباس قال الأنصار : تقول هو الراهب الذي بُني له مسجد الشِّقاق، وروي عن ابن المسيب نحوه.
والرابع : أنه رجل كان في بني اسرائيل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن، وكانت له امرأة له منها ولد، وكانت سمجة دميمة، فقالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل، فدعا الله لها، فلما علمت أنه ليس في بني إسرائيل مثلها، رغبت عن زوجها وأرادت غيره، فلما رغبت عنه، دعا الله أن يجعلها كلبة نَبَّاحَةً، فذهبت منه فيها دعوتان، فجاء بنوها وقالوا : ليس بنا على هذا صبر أن صارت أمُّنا كلبةً نبَّاحة يعيِّرنا الناس بها، فادع الله أن يردَّها إلى الحال التي كانت عليها أولاً، فدعا الله، فعادت كما كانت، فذهبت فيها الدعوات الثلاث، رواه عكرمة عن ابن عباس، والذي روي لنا في هذا الحديث "وكانت سَمِجة" بكسر الميم، وقد روى سيبويه عن العرب أنهم يقولون : رجل سَمْج : بتسكين الميم، ولم يقولوا : سَمِج ؛ بكسرها.
والخامس : أنه المنافق، قاله الحسن.