فصل


قال الفخر :
قوله :﴿وَلَوْ شِئْنَا لرفعناه بِهَا﴾
قال أصحابنا معناه : ولو شئنا رفعناه للعمل بها، فكان يرفع بواسطة تلك الأعمال الصالحة منزلته، ولفظة ( لَوْ ) تدل على انتفاء الشيء لانتفاء غيره، فهذا يدل على أنه تعالى قد لا يريد الإيمان، وقد يريد الكفر.
وقالت المعتزلة : لفظ الآية يحتمل وجوهاً أخرى سوى هذا الوجه.
فالأول : قال الجبائي معناه : ولو شئنا لرفعناه بأعماله، بأن نكرمه، ونزيل التكليف عنه، قبل ذلك الكفر حتى نسلم له الرفعة، لكنا رفعناه بزيادة التكليف بمنزلة زائدة، فأبى أن يستمر على الإيمان.
الثاني : لو شئنا لرفعناه، بأن نحول بينه وبين الكفر، قهراً وجبراً، إلا أن ذلك ينافي التكليف.
فلا جرم تركناه مع اختياره.
والجواب عن الأول : أن حمل الرفعة على الإماتة بعيد، وعن الثاني : أنه تعالى إذا منعه منه قهراً، لم يكن ذلك موجباً للثواب والرفعة.
ثم قال تعالى :﴿ولكنه أَخْلَدَ إِلَى الأرض﴾ قال أصحاب العربية : أصل الإخلاد اللزوم على الدوام، وكأنه قيل : لزم الميل إلى الأرض، ومنه يقال : أخلد فلان بالمكان، إذا لزم الإقامة به.
قال مالك بن سويد :
بأبناء حي من قبائل مالك.. وعمرو بن يربوع أقاموا فأخلدوا
قال ابن عباس :﴿ولكنه أَخْلَدَ إِلَى الارض﴾ يريد مال إلى الدنيا، وقال مقاتل : بالدنيا، وقال الزجاج : سكن إلى الدنيا.


الصفحة التالية
Icon