وقيل : نزلت في أبي عامر الراهب الذي سماه النبي ﷺ الفاسق كان يترهب في الجاهلية، فلما جاء الإسلام خرج إلى الشام وأمر المنافقين باتخاذ مسجد ضرار، وأتى قيصر واستنجده على النبي ﷺ، فمات هناك طريداً وحيداً، وهو قول سعيد بن المسيب.
وقيل : نزلت في منافقي أهل الكتاب، كانوا يعرفون النبي ﷺ، عن الحسن والأصم وقيل : هو عام فيمن عرض عليه الهدى فأعرض عنه، وهو قول قتادة، وعكرمة، وأبي مسلم.
فإن قال قائل : فهل يصح أن يقال : إن المذكور في هذه الآية كان نبياً، ثم صار كافراً ؟
قلنا : هذا بعيد، لأنه تعالى قال :﴿الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [ الأنعام : ١٢٤ ] وذلك يدل على أنه تعالى لا يشرف عبداً من عبيده بالرسالة، إلا إذا علم امتيازه عن سائر العبيد بمزيد الشرف، والدرجات العالية، والمناقب العظيمة، فمن كان هذا حاله، فكيف يليق به الكفر ؟
أما قوله تعالى :﴿ءاتيناه ءاياتنا فانسلخ منها﴾ ففيه قولان :
القول الأول :﴿آتيناه آياتنا﴾ يعني : علمناه حجج التوحيد، وفهمناه أدلته، حتى صار عالماً بها ﴿فانسلخ مِنْهَا﴾ أي خرج من محبة الله إلى معصيته، ومن رحمة الله إلى سخطه، ومعنى انسلخ : خرج منها.
يقال لكل من فارق شيئاً بالكلية انسلخ منه.


الصفحة التالية
Icon