والثالث : أن يذكر العبد ربه بلفظ لا يعرف معناه ولا يتصور مسماه، فإنه ربما كان مسماه أمراً غير لائق بجلال الله، فهذه الأقسام الثلاثة هي الإلحاد في الأسماء.
فإن قال قائل : هل يلزم من ورود الأول في إطلاق لفظه على الله تعالى أن يطلق عليه سائر الألفاظ المشتقة منه على الإطلاق ؟
قلنا : الحق عندي أن ذلك غير لازم لا في حق الله تعالى، ولا في حق الملائكة والأنبياء وتقريره : أن لفظ "علم" ورد في حق الله تعالى في آيات منها قوله :﴿وَعَلَّمَ ءادَمَ الأسماء كُلَّهَا﴾ [ البقرة : ٣١ ] ﴿عَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾ [ النساء : ١١٣ ] ﴿وعلمناه مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ [ الكهف : ٦٥ ] ﴿الرحمن عَلَّمَ القرءان﴾ [ الرحمن : ١، ٢ ] ثم لا يجوز أن يقال في حق الله تعالى يا معلم، وأيضاً ورد قوله :﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [ المائدة : ٥٤ ] ثم لا يجوز عندي أن يقال يا محب.
وأما في حق الأنبياء، فقد ورد في حق آدم عليه السلام :﴿وعصى ءادَمَ رَبَّهُ فغوى﴾ [ طه : ١٢١ ] ثم لا يجوز أن يقال إن آدم كان عاصياً غاوياً، وورد في حق موسى عليه السلام ﴿ياأبت استجره﴾ [ القصص : ٢٦ ] ثم لا يجوز أن يقال إنه عليه السلام كان أجيراً، والضابط أن هذه الألفاظ الموهمة يجب الاقتصار فيها على الوارد، فأما التوسع بإطلاق الألفاظ المشتقة منها فهي عندي ممنوعة غير جائزة.
ثم قال تعالى :﴿سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فهو تهديد ووعيد لمن ألحد في أسماء الله.
قالت المعتزلة : الآية قد دلت على إثبات العمل للعبد، وعلى أن الجزاء مفرع على عمله وفعله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٥٤ ـ ٥٩﴾