وقال الآلوسى :
﴿ وَأُمْلِى لَهُمْ ﴾ أي مهلهم والواو للعطف وما بعده معطوف على ﴿ سنستدرجهم ﴾ [ الأعراف : ١٨٢ ] غير داخل في حكم السين لما أن الإمهال ليس من الأمور التدريجية كالاستدراج الحاصل في نفسه شيئاً فشيئاً بل هو مما يحصل دفعة والحاصل بطريق التدريج آثاره وأحكامه ليس إلا، ويلوح بذلك تغيير التعبير بتوحيد الضمير مع ما فيه من الافتنان المنبىء عن مزيد الاعتناء بمضمون الكلام لابتنائه على تجديد القصة والعزيمة، وجعله غير واحد داخلاً في حكمها، ولا يخفى التوحيد حينئذ، وقيل : إنه كلام مستأنف أي وأنا أملي لهم، والخروج من ذلك الضمير إلى ضمير المتكلم المفرد شبيه الالتفات واستظهر أنه من التلوين.
وما قيل : إن هذا للإشعار بأن الإمهال بمحض التقدير الإلهي وذاك للإشارة إلى أن الاستدراك بتوسط المدبرات ليس بشيء لمكان ﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لاِنفُسِهِمْ ﴾ [ آل عمران : ١٨٧ ] ﴿ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ ﴾ تقرير للوعيد وتأكيد له، والمتين من المتانة بمعنى الشدة والقوة، ومنه المتن للظهر أو اللحم الغليظ في جانبي الصلب، وفسر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الكيد بالمكر.
وفسره بعضهم بالاستدراك والإملاء مع نتيجتهما، وتسميته كيداً لما أن ظاهره لطف وباطنه قهر، وبعضهم بنفس الأخذ فقط فتسميته حينئذ بذلك قيل : لكون مقدماته كذلك، وقيل : لنزوله بهم من حيث لا يشعرون، وإياماً كان فالمعنى إن كيدي قوي لا يدافع بقوة ولا بحيلة، والآية حجة لأهل السنة في مسألة القضاء والقدر.
وادعى بعض المفسرين أنها نزلت في المستهزئين من قريش أمهلهم الله تعالى ثم أخذهم في يوم بدر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٩ صـ ﴾