الْخَامِسُ : أَنَّهُ مَعْرِفَةُ الْوَاجِبِ فِي وَصْفِهِ وَالْجَائِزِ وَالْمُسْتَحِيلِ عَلَيْهِ ؛ فَيَأْتِي بِكُلِّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ وَيُقَرِّرُهُ فِي نِصَابِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْمُقْسِطِ حَقِيقَةَ الْحُسْنِ وَأَقْسَامَهُ، وَمَنْ حَصَّلَ هَذِهِ الْمَعَانِيَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ نَالَ الْحُسْنَ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ، وَحَصَلَ لَهُ الْقَطْعُ بِالتَّوْفِيقِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : رُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ سَمِعُوا الْمُسْلِمِينَ يَدْعُونَ " اللَّهَ " مَرَّةً، وَ " الرَّحْمَنَ " أُخْرَى، و " الْقَادِرَ " بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالُوا : أَيَنْهَانَا مُحَمَّدٌ عَنْ الْأَصْنَامِ وَهُوَ يَدْعُوا آلِهَةً كَثِيرَةً ؟ فَنَزَلَتْ :﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ أَيْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ إلَهٌ وَاحِدٌ، وَلَيْسَتْ بِآلِهَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : مَا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِي أَضَافَهَا اللَّهُ ؟ : وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهَا أَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا الَّتِي فِيهَا التَّعْظِيمُ وَالْإِكْبَارُ.
الثَّانِي : أَنَّهَا الْأَسْمَاءُ التِّسْعَةُ وَالتِّسْعُونَ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ :﴿ إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ﴾.
الثَّالِثُ : أَنَّهَا الْأَسْمَاءُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهَا أَدِلَّةُ الْوَحْدَانِيَّةِ، وَهِيَ سَبْعَةٌ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْوُجُودِ : الْعِلْمُ، وَالْقُدْرَةُ، وَالْإِرَادَةُ، وَالسَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَالْكَلَامُ، وَالْحَيَاةُ.