فإنه هو الذي سبق غيره وما سبقه غيره، وأما الصفة الحقيقية مع الإضافة والسلب، فكقولنا : حكيم، فإنه هو الذي يعلم حقائق الأشياء، ولا يفعل ما لا يجوز فعله فصفة العلم صفة حقيقية، وكون هذه الصفة متعلقة بالمعلومات، نسب وإضافات، وكونه غير فاعل لما لا ينبغي سلب.
إذا عرفت هذا فنقول : السلوب، غير متناهية، والإضافات أيضاً غير متناهية، فكونه خالقاً للمخلوقات صفة إضافية، وكونه محيياً ومميتاً إضافات مخصوصة، وكونه رازقاً أيضاً إضافة أخرى مخصوصة.
فيحصل بسبب هذين النوعين من الاعتبارات أسماء لا نهاية لها لله تعالى، لأن مقدوراته غير متناهية، ولما كان لا سبيل إلى معرفة كنه ذاته، وإنما السبيل إلى معرفته بمعرفة أفعاله فكل من كان وقوفه على أسرار حكمته في مخلوقاته أكثر، كان علمه بأسماء الله أكثر.
ولما كان هذا بحراً لا ساحل له ولا نهاية له، فكذلك لا نهاية لمعرفة أسماء الله الحسنى.
النوع الثاني : في تقسيم أسماء الله ما قاله المتكلمون : وهو أن صفات الله تعالى ثلاثة أنواع : ما يجب، ويجوز، ويستحيل على الله تعالى.
ولله تعالى بحسب كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة أسماء مخصوصة.
والنوع الثالث : في تقسيم أسماء الله أن صفات الله تعالى إما أن تكون ذاتية، أو معنوية، أو كانت من صفات الأفعال.
والنوع الرابع : في تقسيم أسماء الله تعالى إما أن يجوز إطلاقها على غير الله تعالى، أو لا يجوز.
أما القسم الأول : فهو كقولنا : الكريم الرحيم العزيز اللطيف الكبير الخالق، فإن هذه الألفاظ يجوز إطلاقها على العباد، وإن كان معناها في حق الله تعالى مغايراً لمعناها في حق العباد.
وأما القسم الثاني فهو كقولنا : الله الرحمن.
أما القسم الأول : فإنها إذا قيدت بقيود مخصوصة صارت بحيث لا يمكن إطلاقها إلا في حق الله تعالى كقولنا : يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، ويا خالق السموات والأرضين.


الصفحة التالية
Icon