قال الله تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ إلى قوله تُبْعَثُونَ ﴾ [ المؤمنون : ١٢ - ١٦ ] فينظر أنه عبد مربوب مكلف، مخوّف بالعذاب إن قصر، مرتجياً بالثواب إن ائتمر، فيقبِل على عبادة مولاه فإنه وإن كان لا يراه يراه و لا يخشى الناس والله أحق أن يخشاه، ولا يتكبر على أحد من عباد الله ؛ فإنه مؤلف من أقذار، مشحون من أوضار، صائر إلى جنة إن أطاع أو إلى نار.
وقال ابن العربيّ : وكان شيوخنا يستحبون أن ينظر المرء في الأبيات الحكمية التي جمعت هذه الأوصاف العلمية :
كيف يَزْهُو مَن رجِيعُه...
أبدَ الدهر ضجيعُه
فهو منه وإليه...
وأخوه ورضيعُه
وهو يدعوه إلى الحشِّى...
بصُغْر فيطيعُه
قوله تعالى :﴿ وَمَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ ﴾ معطوف على ما قبله ؛ أي وفيما خلق الله من الأشياء.
﴿ وَأَنْ عسى أَن يَكُونَ قَدِ اقترب أَجَلُهُمْ ﴾ أي وفي آجالهم التي عسى أن تكون قد قربت ؛ فهو في موضع خفض معطوف على ما قبله.
وقال ابن عباس : أراد باقتراب الأجل يوم بَدْر ويوم أُحُد.
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ أي بأيّ قرآن غير ما جاء به محمد ﷺ يصدقون.
وقيل : الهاء للأجل، على معنى بأيّ حديث بعد الأجل يؤمنون حين لا ينفع الإيمان ؛ لأن الآخرة ليست بدار تكليف. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon