وقال الآلوسى :
﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾
ثم لما كان أمر النبوة مفرعا على التوحيد ذكر سبحانه ما يدل عليه فقال جل شأنه
﴿ أَوَ لَمْ يَنظُرُواْ فِى مَلَكُوتِ السموات والأرض ﴾ فهو مسوق للإنكار والتوبيخ بإخلالهم بالتأمل بالآيات التكوينية إثر مانعي عليهم مانعي، والهمزة هنا كالهمزة فيما قبل، والواو للعطف على مقدر كما تقدم أو على الجملة المنفية بلم، والملكوت الملك العظيم، أي أكذبوا أو لم يتفكروا فيما ذكر ولم ينظروا نظر تأمل واستدلال فيما يدل على كمال قدرة الصانع ووحدة المبدع وعظيم شأن المالك ليظهر لهم صحة ما يدعوهم إليه ذاك الرسول الكريم ﷺ، وكأن التعبير بالنظر هنا دون التفكر الذي عبر به فيما قبل للإشارة إلى أن الدليل هنا أوضح منه فيما تقدم.
وقوله سبحانه وتعالى :﴿ وَمَا خَلَقَ الله مِن شَىْء ﴾ يحتمل أن يكون عطفاً على ملكوت وتخصيصه بالسموات والأرض لكما لظهور عظم الملك فيهما، وأن يكون عطفاً على المضاف هو إليه فيكون منسحباً على الجميع، والتعميم لاشتراك الكل في عظم الملك في الحقيقة، و﴿ مِن شَىْء ﴾ بيان ﴿ لَّمّاً ﴾، وفي ذلك تنبيه على أن الدلالة على التوحيد غير مقصورة على السموات والأرض بل كل ذرة من ذرات العالم دليل على توحيده :
وفي كل شيء له آية...
تدل على أنه واحد
وهذا أمر متفق عليه عند العقلاء.