فصل


قال الفخر :
﴿ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦) ﴾
اعلم أنه تعالى عاد في هذه الآية مرة أخرى إلى نعت أحوال الضالين المكذبين فقال :﴿مَن يُضْلِلِ الله فَلاَ هَادِيَ لَهُ﴾ واعلم أن استدلال أصحابنا بهذه الآية على أن الهدى والضلال من الله مثل ما سبق في الآية السالفة، وتأويلات المعتزلة، وجوابنا عنها مثل ما تقدم فلا فائدة في الإعادة، وقوله :﴿وَيَذَرُهُمْ فِى طغيانهم﴾ رفع بالاستئناف وهو مقطوع عما قبله، وقرأ أبو عمرو "ويذرهم" بالياء ورفع الراء لتقدم اسم الله سبحانه، وقرأ حمزة والكسائي بالياء والجزم، ووجه ذلك فيما يقول سيبويه : إنه عطف على موضع الفاء وما بعدها من قوله :﴿فَلاَ هَادِيَ لَهُ﴾ لأن موضع الفاء وما بعدها جزم لجواب الشرط، فحمل "ويذرهم" على موضع الذي هو جزم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٦٥﴾
وقال السمرقندى :
﴿ مَن يُضْلِلِ الله فَلاَ هَادِيَ لَهُ ﴾
أي : من يخذله الله عن دين الإسلام فلا هادي له إلى الهدى ﴿ وَيَذَرُهُمْ فِى طغيانهم يَعْمَهُونَ ﴾ أي : يتركهم في ضلالتهم يترددون.
قرأ أبو عمرو ﴿ وَيَذَرُهُمْ ﴾ بالياء وضم الراء على معنى الخبر.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر ﴿ وَنَذَرُهُمْ ﴾ بالنون وضم الراء، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص ﴿ وَيَذَرُهُمْ ﴾ بالياء وجزم الراء وجعلوه جواب الشرط.
ومعناه : من يضلل الله يذره. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon