ورابعها : قال صاحب ( الكشاف ) : الصلاة فعلة من " صلى " كالزكاة من " زكى " وكتبتها بالواو على لفظ المفخم، وحقيقة صلى حرك الصلوين، لأن المصلي يفعل ذلك في ركوعه وسجوده، وقيل الداعي مصلي تشبيهاً له في تخشعه بالراكع والساجد، وأقول هاهنا بحثان :
الأول : إن هذا الاشتقاق الذي ذكره صاحب ( الكشاف ) يفضي إلى طعن عظيم في كون القرآن حجة، وذلك لأن لفظ الصلاة من أشد الألفاظ شهرة وأكثرها دوراناً على ألسنة المسلمين، واشتقاقه من تحريك الصلوين من أبعد الأشياء اشتهاراً فيما بين أهل النقل، ولو جوزنا أن يقال : مسمى الصلاة في الأصل ما ذكره، ثم إنه خفي واندرس حتى صار بحيث لا يعرفه إلا الآحاد لكان مثله في سائر الألفاظ جائزاً، ولو جوزنا ذلك لما قطعنا بأن مراد الله تعالى من هذه الألفاظ ما تتبادر أفهامنا إليه من المعاني في زماننا هذا، لاحتمال أنها كانت في زمان الرسول موضوعة لمعان أخر، وكان مراد الله تعالى منها تلك المعاني، إلا أن تلك المعاني خفيت في زماننا واندرست كما وقع مثله في هذه اللفظة، فلما كان ذلك باطلاً بإجماع المسلمين علمنا أن الاشتقاق الذي ذكره مردود باطل.
الثاني : الصلاة في الشرع عبارة عن أفعال مخصوصة يتلو بعضها بعضاً مفتتحة بالتحريم، مختتمة بالتحليل، وهذا الاسم يقع على الفرض والنفل.
لكن المراد بهذه الآية الفرض خاصة ؛ لأنه الذي يقف الفلاح عليه ؛ لأنه عليه السلام لما بين للإعرابي صفة الصلاة المفروضة قال والله لا أزيد عليها ولا أنقص منها، فقال رسول الله ﷺ :" أفلح إن صدق ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢ صـ ٢٧ ـ ٢٨﴾