وقال أصْبَغ بن الفرج وعبد اللَّه بن عبد الحكم : ليس على من لم يكبّر في الصلاة من أوّلها إلى آخرها شيء إذا كبر تكبيرة الإحرام، فإن تركه ساهياً سجد للسهو، فإن لم يسجد فلا شيء عليه ؛ ولا ينبغي لأحد أن يترك التكبير عامداً ؛ لأنه سنة من سنن الصلاة، فإن فعل فقد أساء ولا شيء عليه وصلاته ماضية.
قلت : هذا هو الصحيح، وهو الذي عليه جماعة فقهاء الأمصار من الشافعيين والكوفيين وجماعة أهل الحديث والمالكيين غيرَ من ذهب مذهب ابن القاسم.
وقد ترجم البخاري رحمه الله ( باب إتمام التكبير في الركوع والسجود ) وساق حديث مُطَرِّف بن عبد اللَّه قال : صلّيت خلف عليّ بن أبي طالب أنا وعمران بن حُصين، فكان إذا سجد كبّر، وإذا رفع رأسه كبّر، وإذا نهض من الركعتين كبّر ؛ فلما قضى الصلاة أخذ بيدِي عمرانُ بن حصين فقال : لقد ذكرني هذا صلاة محمد ﷺ، أو قال : لقد صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم.
وحديثَ عكرمة قال : رأيت رجلاً عند المقام يكبر في كل خفض ورفع، وإذا قام وإذا وضع، فأخبرت ابن عباس فقال : أو ليس تلك صلاة النبي ﷺ لا أُمَّ لك! فدلّك البخاري رحمه الله بهذا الباب على أن التكبير لم يكن معمولا به عندهم.
روى أبو إسحاق السَّبِيعي عن يزيد بن أبي مريم عن أبي موسى الأشعري قال : صلّى بنا عليّ يوم الجمل صلاة أذكرنا بها صلاة رسول الله ﷺ، كان يكبر في كل خفض ورفع، وقيام وقعود ؛ قال أبو موسى : فإما نسيناها وإما تركناها عمداً.
قلت : أتراهم أعادوا الصلاة! فكيف يقال من ترك التكبير بطلت صلاته! ولو كان ذلك لم يكن فرق بين السنة والفرض، والشيء إذا لم يجب أفراده لم يجب جميعه ؛ وبالله التوفيق. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١ صـ ١٦٤ ـ ١٧٢﴾. بتصرف.