ولما اجتمعت الأمة على أن الطفل والسخال والبهائم مرزوقون، وأن الله تعالى يرزقهم مع كونهم غير مالكين علم أن الرزق هو الغذاء ولأن الأمة مجمعة على أن العبيد والإماء مرزوقون، وأن الله تعالى يرزقهم مع كونهم غير مالكين ؛ فعلم أن الرزق ما قلناه لا ما قالوه.
والذي يدل على أنه لا رازق سواه قوله الحق :﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السمآء والأرض﴾ [ فاطر : ٣ ] وقال :﴿إِنَّ الله هُوَ الرزاق ذُو القوة المتين﴾ [ الذاريات : ٥٨ ] وقال :﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا﴾ [ هود : ٦ ] وهذا قاطع ؛ فالله تعالى رازق حقيقة وابن آدم رازق تجّوزاً، لأنه يملك ملكاً منتزعاً كما بيناه في الفاتحة ؛ مرزوق حقيقة كالبهائم التي لا ملك لها ؛ إلا أن الشيء إذا كان مأذوناً له في تناوله فهو حلال حكماً، وما كان منه غير مأذون له في تناوله فهو حرام حكماً ؛ وجميع ذلك رزق.
وقد خَرَّج بعض النبلاء من قوله تعالى :﴿كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ واشكروا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ [ سبأ : ١٥ ] فقال : ذكر المغفرة يسير إلى أن الرزق قد يكون فيه حرام. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١ صـ ١٧٧ ـ ١٧٨﴾. بتصرف يسير.
قال الآلوسى :
الرزق بالفتح لغة الإعطاء لما ينتفع الحيوان به.
وقيل إنه يعم غيره كالنبات وبالكسر اسم منه ومصدر أيضاً على قول.
وقيل أصل الرزق الحظ ويستعمل بمعنى المرزوق المنتفع به وبمعنى الملك وبمعنى الشكر عند أزد.


الصفحة التالية
Icon