فإن قيل : هذا الذي قررتم يقتضي أن الإنفاق المحمود هو إنفاق ما زاد على الحاجة الضرورية، مع أن الله تعالى أثنى على قوم بالإنفاق وهم في حاجة إلى ما أنفقوا، وذلك في قوله :﴿وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون﴾ [ الحشر : ٩ ].
فالظاهر في الجواب - والله تعالى أعلم - هو ما ذكره بعض العلماء من أن لكل مقام مقالاً، ففي بعض الأحوال يكون الإيثار ممنوعاً. وذلك كما إذا كانت على المنفق نفقات واجبة، كنفقة الزوجات ونحوها، فتبرع بالإنفاق في غير واجب وترك الفرض لقوله ﷺ :" وابدأ بمن تعول "، وكأن يكون لا صبر عنده عن سؤال الناس فينفق ماله ويرجع إلى الناس يسألهم ما لهم، فلا يجوز له ذلك، والإيثار فيما إذا كان لم يضيع نفقة واجبة وكان واثقاً من نفسه بالصبر والتعفف وعدم السؤال.
وأما على القول بأن قوله تعالى :﴿ومما رزقناهم يُنْفِقون﴾ يعني به الزكاة. فالأمر واضح، والعلم عند الله تعالى. أ هـ ﴿دفع إيهام الاضطراب صـ ٨﴾