قلت : كثيرًا ما يقرن الله تعالى بين الصلاة والإنفاق من الأموال، فإن الصلاة حق الله وعبادته، وهي مشتملة على توحيده والثناء عليه، وتمجيده والابتهال إليه، ودعائه والتوكل عليه ؛ والإنفاق هو الإحسان إلى المخلوقين بالنفع المتعدي إليهم، وأولى الناس بذلك القرابات والأهلون والمماليك، ثم الأجانب، فكل من النفقات الواجبة والزكاة المفروضة داخل في قوله تعالى :﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابن عمر : أن رسول الله ﷺ قال :" بُنِيَ الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت ". والأحاديث في هذا كثيرة. أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ١ صـ ١٦٤ ـ ١٦٩﴾. بتصرف يسير
ومن فوائد أبى السعود فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بالغيب﴾ إما موصولٌ بالمتقين، ومحلُّه الجرُّ على أنه صفةٌ مقيِّدةٌ له إن فُسّر التقوى بترك المعاصي فقط، مترتبةٌ عليه ترتّبَ التحلية على التَّخْلية، وموضِّحةٌ إن فُسِّر بما هو المتعارَفُ شرعاً والمتبادَرُ عُرفاً، من فعل الطاعات وتركِ السيئات معاً، لأنها حينئذٍ تكون تفصيلاً لما انطوى عليه اسمُ الموصوف إجمالاً، وذلك لأنها مشتملة على ما هو عمادُ الأعمال وأساسُ الحسنات، من الإيمان والصلاة والصدقة، فإنها أمهاتُ الأعمال النفسانية والعباداتِ البدنية والمالية المستتبِعة لسائر القُرَب الداعيةِ إلى التجنب عن المعاصي غالباً، ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفحشاء والمنكر﴾ وقوله عليه السلام :" الصلاةُ عمادُ الدين، والزكاةُ قنطرةُ الإسلام " أو مادحةً للموصوفين بالتقوى المفسَّرِ بما مر من فعل الطاعات وتركِ السيئات.


الصفحة التالية
Icon