لطائف وفرائد فى الآية
قال فى روح البيان :
قال في " التأويلات النجمية " ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ أي : بنور غيبي من الله في قلوبهم نظروا في قول محمد صلى الله عليه وسلّم فشاهدوا صدق قوله فآمنوا به كما قال عليه السلام :" المؤمن ينظر بنور الله ".
واعلم أن الغيب غيبان : غيب غاب عنك، وغيب غبت عنه، فالذي غاب عنك عالم الأرواح فإنه قد كان حاضراً حين كنت فيه بالروح وكذرة وجودك في عهد ألست بربكم واستماع خطاب الحق ومطالعة آثار الربوبية وشهود الملائكة وتعارف الأرواح من الأنبياء والأولياء وغيرهم فغاب عنك إذ تعلقت بالقالب ونظرت بالحواس الخمس أي : بالمحسوسات من عالم الأجسام وأما الغيب الذي غبت عنه فغيب الغيب وهو حضرة الربوبية قد غبت عنه بالوجود وما غاب عنك بالوجود وهو معكم أينما كنتم أنت بعيد منه وهو قريب منك كما قال :﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ انتهى كلام الشيخ نجم الدين قدس سره.
﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَوةَ﴾ الصلاة اسم للدعاء كما في قوله تعالى :﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ ( التوبة : ١٠٣ ) أي : ادع لهم والثناء كما في قوله تعالى :﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائكَتَه يُصَلُّونَ﴾ ( الأحزاب : ٥٦ ) والقراءة كما في قوله تعالى :﴿وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ﴾ ( الإسراء : ١١٠ ) أي : بقراءتك والرحمة كما في قوله تعالى :﴿أُوالَائِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ﴾ ( البقرة : ١٥٧ ) والصلاة المشروعة المخصوصة بأفعال وأذكار سميت بها لما في قيامها من القراءة وفي قعودها من الثناء والدعاء ولفاعلها من الرحمة.


الصفحة التالية
Icon