وقال الخازن :
قوله :﴿ هو الذي خلقكم من نفس واحدة ﴾
يعني آدم عليه السلام ﴿ وجعل منها زوجها ﴾ يعني وخلق منها زوجها حواء قد تقدم كيفية خلق حواء من ضلع آدم في أول سورة النساء ﴿ ليسكن إليها ﴾ يعني ليأنس بها ويأوي ﴿ فلما تغشاها ﴾ يعني واقعها وجامعها كنى به عن الجماع أحسن كناية لأن الغشيان إتيان الرجل المرأة وقد غشيها وتغشاها إذا علاها وتجللها ﴿ حملت حملاً خفيفاً ﴾ يعني النطفة والمني لأن أول ما تحمل النطفة وهي خفيفة عليها ﴿ فرمت به ﴾ يعني أنها استمرت بذلك الحمل فقامت وقعدت وهو خفيف عليها ﴿ فلما أثقلت ﴾ أي صارت إلى حال الثقل وكبر ذلك الحمل ودنت مدة ولادتها ﴿ دعوا الله ربهما ﴾ يعني أن آدم وحواء دعوا الله ربهما ﴿ لئن آتيتنا صالحاً ﴾ يعني لئن أعطيتنا بشراً سوياً مثلنا ﴿ لنكونن من الشاكرين ﴾ يعني لك على إنعامك علينا.
قال المفسرون : لما هبط آدم وحواء إلى الأرض ألقيت الشهوة في نفس آدم فأصاب حواء فحلمت من ساعتها فلما ثقل الحمل وكبر الولد أتاها إبليس فقال لها : ما الذي في بطنك؟ قالت : ما أدري قال : إني أخاف أن يكون بهيمة أو كلباً أو خنزيراً أترين في الأرض إلا بهيمة أو نحوها قالت : إني أخاف بعض ذلك قال وما يدريك من أين خرج أمن دبرك أم فن فيك أو يشق بطنك فيقتلك فخافت حواء من ذلك وذكرته لآدم فلم يزالا في غم من ذلك ثم عاد إليها إبليس فقال لها إني من الله بمنزلة فإن دعوت الله أن يجعله خلقاً سوياً مثلك ويسهل عليك خروجه تسميه عبد الحارث وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث فذكرت ذلك حواء لآدم عليه السلام فقال لعله صاحبنا الذي قد علمت فعاودها إبليس فلم يزل بهما حتى غرهما فلما ودلت سمياه عبد الحارث.