الثاني أنه قال بعده ﴿ أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون ﴾ وهذا ردّ على من جعل الأصنام شركاء ولم يجر لإبليس في هذه الآية ذكر، الثالث لو كان المراد إبليس لقال أيشركون من لا يخلق ثم ذكر الرازي ثلاثة وجوه أخر من جهة النظر يوقف عليها من كتابه.
وقال الحسن وجماعة الخطاب لجميع الخلق والمعنى في هو ﴿ الذي خلقكم من نفس واحدة ﴾ من هيئة واحدة وشكل واحد ﴿ وجعل منها زوجها ﴾ أي من جنسها ثم ذكر حال الذكر والأنثى من الخلق ومعنى ﴿ جعلا له شركاء ﴾ أي حرفاه عن الفطرة إلى الشرك كما جاء :"ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه هما اللذان يهوّدانه وينصرانه ويمجسانه".
وقال القفال نحو هذا القول قال هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها وذكر حال الزوج والزوجة ﴿ وجعلا ﴾ أي الزوج والزوجة، لله تعالى شركاء فيما آتاهما لأنهما تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجّمين وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام انتهى، وعلى هذا لا يكون لآدم وحوّاء ذكر في الآية، وقيل الخطاب بخلقكم خاص وهو لمشركي العرب كما يقرّبون المولود للات والعزى والأصنام تبركاً بهم في الابتداء وينقطعون بأملهم إلى الله تعالى في ابتداء خلق الولد إلى انفصاله ثم يشركون فحصل التعجب منهم، وقيل : الخطاب خاص أيضاً وهو لقريش المعاصرين للرسول ( ﷺ ) و﴿ نفس واحدة ﴾ هو قضى منها أي من جنسها زوجة عربية قرشية ليسكن إليها والصالح الولد السوي ﴿ جعلا له شركاء ﴾ حيث سميا أولادهما الأربعة عبد مناف وعبد العزّى وعبد قصي وعبد الدار والضمير في ﴿ يشركون ﴾ لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك انتهى.


الصفحة التالية
Icon