فصل
قال الفخر :
﴿فَلَمَّا ءاتاهما﴾ الله ﴿صالحا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتاهما﴾ والكلام في تفسيره قد مر بالاستقصاء قرأ ابن كثير وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وعاصم، في رواية حفص عَنْهُ ( شُرَكَاء ) بصيغة الجمع وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر ( عَنْهُ ) بكسر الشين وتنوين الكاف ومعناه جعلا له نظراء ذوي شرك وهم الشركاء، أو يقال معناه أحدثا لله إشراكاً في الولد ومن قرأ ﴿شُرَكَاء﴾ فحجته قوله :﴿أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ﴾ [ الرعد : ١٦ ] وأراد بالشركاء في هذه الآية إبليس لأن من أطاع إبليس فقد أطاع جميع الشياطين، هذا إذا حملنا هذه الآية على القصة المشهورة، أما إذا لم نقل به فلا حاجة إلى التأويل والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ٧١﴾
وقال الجصاص :
قَوْله تَعَالَى :﴿ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ : الضَّمِيرُ فِي جَعَلَا عَائِدٌ إلَى النَّفْسِ وَزَوْجِهِ مِنْ وَلَدِ آدَمَ لَا إلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ.
وَقَالَ غَيْرُهُمَا : رَاجِعٌ إلَى الْوَلَدِ الصَّالِحِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ مُعَافًى فِي بَدَنِهِ وَذَلِكَ صَلَاحٌ فِي خَلْقِهِ لَا فِي دِينِهِ وَرَدَّ الضَّمِيرَ إلَى اثْنَيْنِ لِأَنَّ حَوَّاءَ كَانَتْ تَلِدُ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ ذَكَرًا وَأُنْثَى. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٣ صـ ﴾