وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما ﴾ قال ابن عباس : أشركاه في طاعته في غير عبادة ولم يشركا بالله ولكن أطاعاه.
وقال قتادة : أشركا في الاسم ولم يشركا في العبادة.
وقال عكرمة ما أشرك آدم ولا حواء وكان لا يعيش لهما ولد فأتاهما الشيطان فقال إن سركما أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد الحارث فهو قوله تعالى جعلا له شركاء فيما آتاهما قرئ شركا بكسر الشين مع التنوين ومعناه شركة وقال أبو عبيدة معناه حظاً ونصيباً وقرئ شركاء بضم الشين مع المد جمع شريك يعني إبليس عبر عن الواحد بلفظ الجمع يعني جعلا له شريكاً إذ سميا ولدهما عبد الحارث.
قال العلماء : ولم يكن ذلك شركاً في العبادة ولا أن الحارث رب لهما لأن آدم كان نبياً معصوماً من الشرك ولكن قصد بتسميتهما الولد بعبد الحارث ان الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامته وسلامة أمه وقد يطلق اسم العبد على من لا يراد به أنه مملوك كما قال الشاعر :
وإني لعبد الضيف ما دام ثاوياً...
أخبر عن نفسه أنه عبد الضيف ما أقام عنده مع بقاء الحرية عليه وإنما أراد بالعبودية خدمة الضيف والقيام بواجب حقوقه كما يقوم العبد بواجب حقوق سيده.
وقد يطلب اسم الرب بغير الألف واللام على غير الله كقول يوسف لعزيز مصر ﴿ إنه ربي أحسن مثواي ﴾ أراد به التربية ولم يرد به أنه ربه ومعبوده فكذلك هنا وإنما أخبر عن آدم عليه السلام بقوله سبحانه وتعالى :﴿ جعلا له شركاء فيما آتاهما ﴾ لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين ولأن منصب النبوة أشرف المناصب وأعلاها فعاتبه الله على ذلك لأنه نظر إلى السبب ولم ينظر إلى المسبب والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.


الصفحة التالية
Icon