ورويت قراءة "فمارت" عن عبد الله بن عمر.
وروي عن ابن عباس أنه قرأ "فاستمرت به".
قوله :﴿ دَّعَوَا الله رَبَّهُمَا ﴾ جواب لما، أي : دعا آدم وحواء ربهما ومالك أمرهما ﴿ لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صالحا ﴾ أي : ولداً صالحاً، واللام جواب قسم محذوف، و ﴿ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين ﴾ جواب القسم سادّ مسدّ جواب الشرط، أي من الشاكرين لك على هذه النعمة.
وفي هذا الدعاء دليل على أنهما قد علما أن ما حدث في بطن حواء من أثر ذلك الجماع هو من جنسهما، وعلما بثبوت النسل المتأثر عن ذلك السبب ﴿ فَلَمَّا ءاتاهما ﴾ ما طلباه من الولد الصالح، وأجاب دعاءهما ﴿ جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتاهما ﴾ قال كثير من المفسرين : إنه جاء إبليس إلى حواء وقال لها : إن ولدت ولداً فسميه باسمى فقالت : وما اسمك؟ قال : الحارث ولو سمى لها نفسه لعرفته، فسمته عبد الحارث، فكان هذا شركاً في التسمية، ولم يكن شركاً في العبادة.
وإنما قصدا أن الحارث كان سبب نجاة الولد، كما يسمى الرجل نفسه عبد ضيفه، كما قال حاتم الطائي :
وإني لعبد الضيف مادام ثاويا... وما فيّ إلا تلك من شيمة العبد
وقال جماعة من المفسرين : إن الجاعل شركاً فيما آتاهما هم جنس بني آدم، كما وقع من المشركين منهم، ولم يكن ذلك من آدم وحواء، ويدلّ على هذا جمع الضمير في قوله :﴿ فتعالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ وذهب جماعة من المفسرين إلى أن معنى ﴿ مّن نَّفْسٍ واحدة ﴾ من هيئة واحدة وشكل واحد ﴿ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ أي : من جنسها ﴿ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا ﴾ يعني جنس الذكر جنس الأنثى.
وعلى هذا لا يكون لآدم وحوّاء ذكر في الآية، وتكون ضمائر التثنية راجعة إلى الجنسين.
وقد قدّمنا الإشارة إلى نحو هذا، وذكرنا أنه خلاف الأولى لأمور منها ﴿ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ بأن هذا إنما هو لحواء.