وقال أبو حيان :
﴿ وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ﴾
الظاهر أن الخطاب للكفار انتقل من الغيبة إلى الخطاب على سبيل الالتفات والتوبيخ على عبادة غير الله ويدلّ على أنّ الخطاب للكفار قوله بعد ﴿ إنّ الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ﴾ وضمير المفعول عائد على ما عادت عليه هذه الضمائر قبل وهو الأصنام والمعنى وإن تدعوا هذه الأصنام إلى ما هو هدى ورشاد أو إلى أن يهدوكم كما تطلبون من الله الهدي والخير لا يتبعوكم على مرادكم ولا يجيبوكم أي ليست فيهم هذه القابلية لأنها جماد لا تعقل ثم أكد ذلك بقوله ﴿ سواء عليكم ﴾ أي دعاؤكم إياهم وصمتكم عنهم سيّان فكيف يعبد من هذه حاله؟ وقيل : الخطاب للرسول والمؤمنين وضمير النصب للكفار أي وإن تدعوا الكفار إلى الهدى لا يقبلوا منكم فدعاؤكم وصمتكم سيّان أي ليست فيهم قابلية قبول ولا هدى، وقرأ الجمهور لا يتبعوكم مشدداً هنا وفي
﴿ الشعراء يتبعهم الغاوون ﴾ من اتبع ومعناها لا يقتدوا بكم، وقرأ نافع فيهما لا يتّبعوكم مخففاً من تبع ومعناه لا يتبعوا آثاركم وعطفت الجملة الإسمية على الفعلية لأنها في معنى الفعلية والتقدير أم صمتم، وقال ابن عطية : وفي قوله ﴿ أدعوتموهم أم أنتم ﴾ عطف الاسم على الفعل إذ التقدير أم صمتم ومثل هذا قول الشاعر :
سواء عليك النفر أم بت ليلة...
بأهل القباب من نمير بن عامر
انتهى.