وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ أَيْ: وَهُمْ عَلَى كَوْنِهِمْ مَخْلُوقِينَ غَيْرَ خَالِقِينَ لِشَيْءٍ، لَا يَسْتَطِيعُونَ لِعَابِدِيهِمْ نَصْرًا عَلَى أَعْدَائِهِمْ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَصْرًا عَلَى مَنْ يَعْتَدِي عَلَيْهَا بِإِهَانَةٍ لَهَا، أَوْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ طِيبِهَا أَوْ حُلِيِّهَا، كَمَا قَالَ : وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٢٢ : ٧٣) أَيْ فَهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكُمْ فِي تَكْرِيمِهِمْ، وَأَنْتُمْ لَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ، بَلْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَدْفَعُونَ عَنْهُمْ وَتَنْصُرُونَهُمْ بِالنِّضَالِ دُونَهُمْ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ قَرَأَ نَافِعٌ (لَا يَتْبَعُوكُمْ) بِالتَّخْفِيفِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى
مَا هُوَ الْهُدَى وَالرَّشَادُ فِي نَفْسِهِ لَا يَتْبَعُوكُمْ، فَلَا هُمْ يَنْفَعُونَكُمْ، وَلَا هُمْ يَنْتَفِعُونَ مِنْكُمْ، أَوِ الْمَعْنَى : وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى إِفَادَتِكُمْ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ أَيْ: مُسْتَوٍ عِنْدَكُمْ دُعَاؤُكُمْ إِيَّاهُمْ وَبَقَاؤُكُمْ عَلَى صَمْتِكُمْ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقُلْ : صَمَتُّمْ، أَوْ تَصْمُتُونَ ; لِأَنَّ إِشْرَاكَهُمْ بِهِمْ كَانَ قَدْ وَهَنَ بِحَيْثُ لَمْ يَكُونُوا يَدْعُونَهُمْ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ وَكَوَارِثِ الْخُطُوبِ بَلْ يَدْعُونَ اللهَ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ بِتَقَالِيدِهِمُ الْوَثَنِيَّةِ فِيهِمْ وَالرَّجَاءِ بِشَفَاعَتِهِمْ